هل يهدم الزواج الثاني ما كان في الطلاق السابق أم لا؟ بقلم: د. عصام عبد ربه مشاحيت أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية

0 199

من طلق طلقة وانتهت العدة وتزوجت المرأة بأخر ثم فارقته بموت أو طلاق ثم خطبها الأول, وتزوجت به, فهل تعود له على ما بقي له من الطلقات أم إن زواجها برجل هدم بقية الطلقات, وعادت لزوجها الأول بطلقات ثلاث جديدة؟.

هذه المسألة تعرف بمسألة الهدم:

وهي: هل يهدم الزواج الثاني ما كان في الطلاق السابق أم لا؟ فمذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة وبعض الحنفية, أنه لا يهدم الطلاق السابق، وأن المرأة إذا رجعت إلى زوجها الأول رجعت إليه على ما بقي من طلقات,لأنه تزوجها قبل استيفاء الثلاث، فأشبه ما لو رجعت إليه قبل أن تتزوج؛ ولأن وطء الثاني لا يُحتاج إليه في الإحلال للأول، فلا يُغيرّ حكم الطلاق.

وثبت عن أبى هريرةَ – رضي الله عنه – قال: (سألتُ عُمَرَ – رَضِي اللهُ عنه- عن رَجُلٍ مِن أهلِ البَحرينِ طَلَّق امرأتَه تَطليقةً أو اثنتَينِ، فنَكَحَت زوجًا، ثمَّ مات عنها أو طَلَّقَها، فرَجَعَت إلى الزَّوجِ الأوَّلِ: على كم هي عنده؟ قال: هي عنده على ما بَقِيَ), وقال بذلك طائفة من السلف, أما مذهب الحنفية, ورواية عن أحمد: أنها تعود إليه بثلاث طلقات جدد(وهو القول الثانى).

فهذا القول الثاني, هو قول : ابن عمر، وابن عباس – رضي الله عنهما – وعطاء، والنخعي، وشريح، وأبي حنيفة، وأبي يوسف.  المغني (7/389)

ومبناه على قياس الأولى.

 وفيه قياس الطلاق على الطلاق، لا على النكاح, فكان أرجح من هذه الجهة, وهو المعمول به في القضاء المصري, وفي مشروع قانون الأحوال الشخصية المقترح من الأزهر، المادة رقم: ٥٥ ففيها: “إذا تزوجت المطلقة البائنة بآخر انهدم بالدخول طلقات الزوج السابق، ولو كانت دون الثلاث، فإن عادت إليه فله عليها ثلاث طلقات جديدة”, إلاّ أن بعض الفقهاء يتكلمون في هذه المسائل, ويقولون: يُراعى وقت الطلاق سُنّيٌ كان أم بدعيٌ، وهل يصلح فيه التلفيق الفقهي أو لا يصلح.

وكأنهم يشيرون لمبدأ الأصل في الزواج: الديمومة والاستقرار، لا النظر إلى الطلاق, فلا يلتفت إلى الطلاق إلاّ عند وقوعه, ويتعلق بهذه المسألة حالتان نذكرهما أيضاً:

الأولى: إذا طلق الرجل زوجته ثلاثاً بانت منه امرأته بينونة كبرى، فلو نكحت زوجا آخر ثم طلقها أو مات عنها، فتزوجها زوجها الأول كان له ثلاث تطليقات بالإجماع, ونقل الإجماع: ابن المنذر وغيره, وذلك لأن دخول الثاني بها أفاد حِل النكاح للأول، ولا يمكن بناؤه على العقد الأول، فثبت نكاح جديد بأحكامه.

الثانية: إذا طلق الرجل زوجته طلاقاً رجعياً فانقضت عدتها قبل أن يراجعها، بانت منه بينونة صغرى، فإن اتفقا على الرجوع بعقد جديد عادت إليه على ما بقي من طلقات، من غير خلاف بين الفقهاء، كما صرح به ابن قدامة، والماوردي، والهيتمي، والرملي، والشربيني, لأنه طلقها قبل استكمال عدد الطلقات، فوجب أن يبني على ما تقدم من الطلاق.

والله تعالى أعلم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط