الطريق البديل

بم يثبت دخول شهر رمضان – بقلم : د. عصام عبد ربه مشاحيث- عضو الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة وعضو الهيئة الاستشارية العليا لمنصة أريد العلمية

0 1٬505

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه أجمعين …

أما بعد,

لا يخفى على كل ذي لب أن صوم شهر رمضان ركن من أركان الإسلام، وفرض من فروض الله، معلوم من الدين بالضرورة.

ويبدأ وجوب صوم شهر رمضان إذا عُلِم دخوله، ولا يثبت دخول شهر رمضان إلا بأحد أمرين :

الأول : رؤية هلال رمضان وذلك بإجماع المسلمين؛ لقول الله تعالى: ” افَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ” البقرة: ١٨٥ .

وثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : ” صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غُبِّيَ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ” . أخرجه البخاري رقم (1909) ، (1081) .

ويكفي في ثبوت الرؤية إخبار عدل واحد من المسلمين برؤيته له ، على الصحيح ؛ لقول ابن عمر – رضي الله عنهما – : ” تراءى الناسُ الهلال ، فأخبرت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أني رأيتُهُ ، فصام وأمر الناس بصيامه ” أخرجه أبو داود ( 2342) ، وابن حبان (2127 ) .

الثاني : إكمال عدة شهر شعبان ثلاثين يوما : وذلك حينما لا يُرى الهلالُ ليلةَ الثلاثين من شعبان مع عدم وجودِ ما يمنع الرؤية من غيم أو قتر أو مع وجود شيء من ذلك ؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم – : ” الشهر تسع وعشرون ليلة ، فلا تصوموا حتى تروه ، فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ” أخرجه البخاري (1907) ، وكذلك مسلم (1080) .

يقول سماحة الشيخ / عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء – حفظه الله – : ولا يثبت الشهر بغير هذين الأمرين ، فلا عبرة بقول أهل الحساب والفلك في هذا الأمر ، فإنه أمر شرعي ينبني عليه عبادات للمسلمين ضبطها الشارع بضوابط لا يجوز لنا تجاوزها ، وقد دلت الأدلة على أن ثبوت شهر رمضان لا يكون إلا بالرؤية الشرعية المعتبرة ، أو بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوما .

ولم يأت دليل يعلق دخول هذا الشهر بالحساب ، بل قد صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ما يدل على عدم اعتباره ، ففي صحيح البخاري عن ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : ” نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا ” أخرجه البخاري (1913) ، وكذلك مسلم (1080) .

يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين ، فنفى المعرفة بالحساب وظاهره نفي تعليق الحكم ، يوضح ذلك ما أخرجه البخاري أيضا أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ” فإن غُمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ” أخرجه البخاري (1907) ، ومسلم ( 1080 ) .

بل أن بعض العلماء قد نقل إجماع السلف على عدم اعتبار الحساب في ثبوت شهر رمضان ، وإذ قد ظهر ذلك فإن الاعتماد على الحساب في إثبات الشهر عمل غير مشروع لعدم الدليل عليه ، مع مخالفته لظواهر الأدلة وما نقل من إجماع سلف الأمة ، فيكون القول به مردودا على صاحبه ، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في حديث عائشة – رضي الله عنها – : ” من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ” أخرجه مسلم ( 1718) .

والجاليات المسلمة في البلاد الكافرة إن تمكنوا من تحري رؤية هلال شهر رمضان فهو المتعين ، وإن لم يتمكنوا فالواجب عليهم أن يتبعوا أقرب بلد مسلم يعمل بالرؤية الشرعية ، ولا يجوز لهم العمل بالحساب بحال كغيرهم من المسلمين في بلاد الإسلام . ( مجلة البحوث الإسلامية عددها (61) ، ص 10 ، 11 بتصرف ).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.