“أضاحي العيد” بقلم: الأستاذ الدكتور محمد سلام أستاذ الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية
ليست مجرد لحوم تُؤكَل، أو دماءٍ تُراق…
ولكنها قُرْبَى وتقْوى لله رجاءَ نَيْل رضاه…
—————————————————–
تعريفها، ومشروعيتها، وفضلها، وشروطها، وأحكامها، ومسائل مهمة…
—————————————————–
تعريف الأضحية:
———————
▪︎ الأضحية إحدى شعائر الإسلام العظيمة التي يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل بتقديم ذبح من الأنعام (الأبقار والضأن والماعز والجاموس والإبل) بدءًا من أول أيام عيد الأضحى عقب صلاة العيد، إلى آخر أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.
– والأضحية: اسمٌ لما يُذكَّى(يُذبَح) تقرُّبًا إلى الله تعالى أيام العيد.
والتذكية: هي العمل والسبب الموصل لحِلِّ أكل الحيوان اختيارًا، فتشمل الذبح، والنحر، كما تشمل العَقْر أيضًا، فيما لو شَرَد ثورٌ أو بعير، فطُعِنَ برمح أو نحوه مع التسمية ونية الأُضْحِيَّة.
مشروعيتها:
—————
الأضحية: شعيرة عظيمة شرعت في السنة الثانية من الهجرة النبوية، وهي السنة التي شُرعت فيها صلاة العيدين.
ومشروعيتها ثابتة بالكتاب والسنة، والإجماع:
-أما الكتاب فقد قال الله تبارك وتعالي:
(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ•فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) – سورة الكوثر
-وأما السنة، فقد ثبت أن النبي ﷺ كان يضحي، وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه، فمن ذلك ما رُوي عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ ﷺ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ …) – متفق عليه.
• وقد أجمع المسلمون على مشروعية الأُضْحِيَّة…
فضل الأضحية:
——————-
فضل الأضحية عظيم عند الله؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ:
«مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عمَلًا أحَبَّ إلى اللهِ -عزَّ وجلَّ- مِنْ هراقةِ دَمٍ، وإنَّهُ ليَأْتِي يَوْمَ القِيامَةِ بِقُرُونِها وأظْلافِها وأشْعارِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِن اللهِ -عزَّ وجلَّ- بِمَكانٍ قَبْلَ أنْ يَقَعَ على الأرْضِ، فَطِيبُوا بِها نَفْسًا» -الترمذي، وابن ماجه.
وعنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ زَيْدٍ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: قُلْتُ: أَوْ: قَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ؟ – قَالَ: “سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ.
قَالُوا: مَا لَنَا مِنْهَا؟ – قَالَ : بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ”.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَالصُّوفُ؟ – قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ».
وقت التضحية:
——————-
يبدأ وقتٍ ذبحِ الأضحية من بعد صلاة العيد…
فقد روي عَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:
«إِنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا، أَنْ نَبْدَأَ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ وَافَقَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ» – أخرجه البخاري.
ما حكم أضحية العيد؟
—————————
▪︎ الأضحية شعيرة عظيمة يُثاب فاعلها، لكن لا يُعاقب تاركها…
▪︎ وللفقهاء في حكمها مذاهب:
١- المذهب الأول: أنها سنةٌ مؤكدةٌ للموسر، وهذا قول جمهور الفقهاء الشافعية والحنابلة، وأرجح أقوال مالك، وبعض تلاميذ أبي حنيفة.
• واستدل الجمهور على ذلك بما روته أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النبي ﷺ قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» -أخرجه مسلم في صحيحه.
• ووجه الدلالة في هذا الحديث أن رسول الله ﷺ قال: «وأراد أحدكم أَنْ يُضَحِّىَ» فجعله مُفَوَّضا إلى إرادته.
ولو كانت الأضحية واجبة لاقتصر على قوله: «فلا يمس من شعره شيئا حتى يضحي».
• وقد ورد أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما “كانا لا يضحيان السنة والسنتين؛ مخافة أن يُرَى ذلك واجبًا”. – أخرجه البيهقي.
وهذا يدل على أنهما عَلِما من رسول الله ﷺ عدم الوجوب.
٢- المذهب الثاني: أنها واجبة، وذهب إلى ذلك أبو حنيفة في معظم ما روي عنه، ومالك في أحد قوليه.
• واستدلوا على رأيهم بأنها واجبة على حَمْل الأمر على الوجوب في قول الله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) – سورة الكوثر.
شروط الأضحية:
———————
١- يشترط أَنْ تَبْلُغَ الأضحية سِنَّ التَّضْحِيَةِ، والسن المعتبرة شرعًا بيانها كالتالى:
-المسنُّ مِن الإبل: ما أتمَّ خمس سنين ودخل في السادسة.
-المُسنُّ من البقر: ما أتمَّ سنتَين ودخَل في الثالثة.
-المُسنُّ مِن المعز: ما بلغ سنَة ودخَل في الثانية.
-ويُجزئ الجذع من الضأن وهو: ما بلَغ ستَّة أشهر ودخَل في السابع.
٢- ويشترط في الأضحية أن تكون بلا عيوب، وذلك مثل:
-أن تكون عمياء، أوعوراء بَيِّنًا عورُها، أو مقطوعة اللسان.
-أو أن تكون جدعاء مقطوعة الأنف، أو الأذنين أو إحداهما.
-أو أن تكون عرجاء بينًا عرجُها.
-أو أن تكون مريضة بينًا مرضُها.
-أو أن تكون جذماء، وهى مقطوعة الإلية أو الذنب».
على من تجب الأضحية؟
——————————
الأضحية تُسَنُّ أو تجب على المستطيع الذي يملَكَ ما تتحصل به الأضحية، فضلًا عمَّا يملكه مما يحتاج إليه للإنفاق على نفسه وأهله وأولاده، ومن تلزمه نفقتهم أيام العيد والتشريق ولياليها.
توزيع الأضحية:
——————–
١- يجوز للمضحِّي الأكل من أضحيته، أو الانتفاع بها: لحمًا وأحشاءً، وجِلدًا، كلها أو بعضها.
٢- ويجوز له كذلك التصدق بها كلها أو بعضها.
٣- ويجوز كذلك إهداؤها كلها أو بعضها.
٤- والأفضل في الأضحية أن تقسم ثلاثة أثلاث: ثلث له ولأهل بيته، وثلث للأقارب، وثلث للفقراء.